Saturday, December 09, 2006



سقوط قناع نصر الله الخارجي

"حزب الله" شارك في قمع الأحوازيين

وساعدت في دعم "جيش المهدي"


علي حسين باكير *

عندما نطرح التناقضات الصارخة على المؤيدين لحزب الله عن جهل او علم, متسائلين عن كيفية تفسيرها وماهية تاويلها و اماكن تصريفها, يتداعون متخبطين من كل حدب و صوب بجواب مستنسخ وكأننا في مدرسة ابتدائية مفاده: "ان حزب الله هو حزب لبناني ليس له اي علاقة او نشاط مع الخارج, و هو غير مرتبط مع ايران و لكنه يكن لها احتراما و امتنانا كبيرين".
في هذا التقرير سنعرض لكم النذر اليسير من نشاط حزب الله اللبناني الخارجي مع اهمالنا الحديث عن تبعية حزب الله الدينية والسياسية لايران لكي نتحدث عنها في تقرير آخر خاص بها.

حزب الله وجيش المهدي
أنا اليد الضاربة لحزب الله اللبناني في العراق) مقتدى الصدر في تصريح له يوم الجمعة 12/4/2004
تم تشكيل مجموعة من 1500 مقاتل للذهاب الى لبنان) عضو تيار الصدر وجيش المهدي في تصريح له في 27/7/.2006

اثار التصريح المفاجئ لزعيم جيش المهدي مقتدى الصدر الذي القاه في مسجد الكوفة يوم 12/4/2004 في كونه اليد الضاربة لحزب الله اللبناني في العراق تساؤلات كثيرة لدى قطاعات واسعة من الخبراء و المحللين و المتابعين عن دوافع هذه الرسالة التي ارسلها الصدر لحزب الله آنذاك وترواحت التساؤلات وقتها بين:
1- هل هي عرض للتعاون مع الحزب ام رسالة الى ايران الراعي الرسمي له مفادها اننا في خدمتكم?
2- هل هي مزايدة سياسية وتصريحات غوغائية?
3- أم انها رسالة جوابية عن اتصالات جرت بين حركة مقتدى الصدر وحزب الله?
4- ام انها حماقة غايتها استفزاز الجميع بما في ذلك قوات التحالف وتجميل صورة حركته لدى جهات اقليمية?
لم نحصل على جواب واضح و حاسم بشأن هذا التصريح واضطررنا للانتظار, اذ ان الفضائح و الاسرار لا تكشف عادة فورا, بل تحتاج لفترة ليست بقليلة من الزمان والوقت.
في 27/7/2006 قام عضو التيار الصدري وجيش المهدي بالاعلان عن تشكيل مجموعة من 1500 مقاتل للذهاب الى لبنان دون ان يوضح لنا مهمتهم هناك. ولم ننتظر كثيرا هذه المرة حتى تسربت المعلومات الحقيقية عن الدور والاهداف.
اذ نقلت صحيفة نيويورك تايمز بعد ثلاثة اشهر من الخبر السابق, في 28/11/2006 تقريرا مطولا جاء فيه ان حزب الله اللبناني قام بتدريب ما بين الف والفين عنصر من عناصر جيش المهدي الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر, وقد نقلت وكالة" فرنس برس" في اليوم التالي ايضا تصريحا استخباراتيا يؤكد تقرير الصحيفة, جاء فيه ان دعم حزب الله للميليشيات الشيعية العراقية وخاصة جيش المهدي سجل تقدما في نهاية العام الفائت وبداية العام, وهي الفترة ما بين التصريحين الاول والثاني الواردين اعلاه.
كما نقلت بعض المصادر الاخبارية عن موظف في مطار بغداد الدولي ان خمسة وثلاثين قياديًا من جيش المهدي كانوا قد غادروا صباح الاربعاء 25/10/2006 الى لبنان بناءً على دعوة رسمية موجهة لهم من حزب الله, و ان من بين الذين غادروا الى لبنان المدعو "ابو طالب النجفي", احد قادة جيش المهدي الذين برزوا خلال الفترة الماضية في مدينة الحرية, حيث قتل وهجر العشرات من العائلات السنية.
التقرير الخطير جدا لا يعني ان حزب الله يشترك مع العصابات الصفوية في سفك دماء اهل السنة في العراق واللاجئين الفلسطينيين الذين قتل جيش المهدي عددا كبيرا منهم فقط, بل يعني ايضا الطعن في ظهر المقاومة العراقية التي تقاوم اكبر وضخم قوة احتلال عرفها التاريخ, والتي لا يعترف السيد حسن نصرالله بها صراحة و صنفها في خطابه الشهير في ذكرى الامام الكاظم الذي تزامن مع حادثة جسر الائمة في بغداد بين: "صدامي بعثي وتكفيري ارهابي", وبات عليها الان مقاومة ثلاثة احتلالات بدلا من واحد: الاول هو الاحتلال الاميركي والثاني هو الاحتلال الصفوي والثالث هو العملاء والمرتزقة من الميليشيات الشيعية ومنهم جيش المهدي.
التعليق المباشر على هكذا تقرير سيكون بالنفي الاكيد لهذا الامر, هذه هي عادة القوم, فان وافقهم الخبر صدعوا رؤوسنا به في شاشتهم "المنار" ولم يستحوا ان يكون الخبر من الصحف الصهيونية او الاميركية او حتى البريطانية, وان لم يوافقهم فالنفي الفوري والاتهام بانه تقرير مدسوس, كيف لا وهو صادر عن اعداء الامة!!
نحن سنكون اكثر انصافا منهم في ذلك ونتجاهل ما قاله مقتدى الصدر بعظمة لسانه وكيف تطابقت التصريحات المتوالية مع التقرير الاميركي. وسندفع باتجاه عدم صحة التقرير استنادا الى الجهة التي نشرته ليس استنادا الى حقائق تبين عدم صحة ما ورد فيه, لكننا في المقابل سنعرض لدور الحزب في الاحوار العربية و في ايران وهذه المرة على لسان اطراف مسؤوليين ايرانيين وشيعة عرب, فهل سينكرون?!!

حزب الله اللبناني و القضية الاحوازية
على الرغم من ان اقليم الاحواز العربي في ايران يعد من اكثر الاقاليم انتاجا للنفط الا انه يعد ثالث افقر اقليم في ايران , ويعاني 80 في المئة من الاطفال فيه من سوء التغذية ويبلغ معدل البطالة بين العرب خمسة اضعاف معدل البطالة بين الفرس. يمنع نشر الصحف والكتب باللغة العربية بهدف محو الهوية العربية ويقتصر التعليم فيه على اللغة الفارسية فقط حيث تبلغ نسبة الرسوب نتيجة اعتماد اللغة الفارسية حصرا ولغيرها من العناصر في المرحلة الابتدائية نحو 30 في المئة وفي المرحلة الثانوية نحو 50 في المئة ويصل معدلات الامية بين العرب اربعة اضعاف مثيلاتها بين غير العرب. لا نريد ان نتحدث عن السياسات الايرانية المقززة والعفنة تجاه عرب الاحواز - واكثرهم شيعة المذهب - والتي عملت على تهجيرهم وقتلهم واستضعافهم واوصلتهم الى هذه الحالة, لكننا سنتحدث عن دور حزب الله في قمع العرب الاحوازيين!!
خلال انتفاضة الطلبة في ايران عام 1999 ومن ثم المواجهات الدامية التي حصلت بين رجال الامن واهالي مدينة الاحواز عاصمة محافظة ما يسميه الايرانيون (خوزستان), تحدث اكثر من مصدر اضافة الى قادة الطلبة و الفاعليات العربية بالمدينة عن وجود المئات من العسكريين العرب بين صفوف قوات الامن و وحدات الحرس التي تولت قمع انتفاضة الطلبة, واخماد مسيرات العرب الايرانيين.
التفسير الوحيد الذي برز وقتها حول العرب المنخرطين في قوات الامن الايرانية وبعض وحدات الحرس الثوري, كان انهم من رجال فيلق بدر الجناح العسكري للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق, غير ان لهجة بعض رجال الامن القريبة من لهجة اهل لبنان وسورية اثارت تساؤلات حول جنسية هؤلاء, الى ان تبين انهم عناصر من حزب الله اللبناني!.
من المعروف ان المنخرطين في حزب الله اللبناني لا يولدون متدربين عسكريا بالطبع, انما يتم ارسالهم الى معسكرات تدريب في دمشق للحالات العادية ولطهران للنخبة حيث يتم تدريبهم على الاسلحة المعقدة و المتطورة كالاسلحة المضادة للدبابات والصواريخ المتنوعة المسافات والتوجيه, ولذلك فقد اقتضت هذه الحاجة فتح مراكز تدريب لهم, وبالطبع ستكون في الاحواز.
في 10/4/,2006 قامت المنظمة الوطنية الاحوازية (عربستان) بارسال رسالة خطية الى امين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله تشرح له فيها معاناة العرب في الاحواز من السلطات الايرانية, وقد ورد في سياق الرسالة اشارة الى مشاركة اعضاء حزب الله اللبناني في قمع المتظاهرين الاحوازيين, بما نصه:
"المؤكد ان النظام الايراني لا تنقصه العناصر ولا الخبرة في كيفية قمع الشعب الاحوازي, الا ان استخدامه للعناصر العربية اللبنانية وعناصر اخرى من قوات فيلق بدر الناطقة باللغة العربية هي الاخرى لقمع المتظاهرين الاحوازيين, تدل بوضوح على حجم المؤامرة والفتنة التي ينوي زرعها بين الاشقاء العرب المسلمين من ابنائنا وابنائكم, ولا نظن ان امرا كهذا لا يستدعي التدخل العاجل والفوري من قبلكم, ونستشهد هنا بقول الرسول الكريم (صلى الله عليه واله الطيبين الطاهرين) الفتنة اشد من القتل". واضافت الرسالة ايضا: "سماحة السيد حسن نصر الله, الامين العام لحزب الله اللبناني الموقر: نناشدكم بأن تطلعوا مناضليكم الشرفاء في حزب الله بمدى خطورة مشاركتهم في قمع اشقائهم الاحوازيين الابرياء وحجم المؤامرة الايرانية لزرع الفتن في صفوف العرب والمسلمين".
طبعا كان من الغباء السياسي ارسال هكذا رسالة الى من يمثل ذراع ايران في المنطقة و الوكيل الشرعي للامام الخامنئي في لبنان وحليف النظام السوري المدعي العربية زورا و بهتانا وهو الذي لا يعرف منها الا الشعارات, فهو قد غدر بعدد كبير من الاحوازيين المقيمين على اراضيه اخيرا, واعتقلهم و سلمهم لقمة سائغة للنظام الايراني كما فعل مع المجاهدين الذين تسللوا عبر اراضيه الى العراق, فسلمهم الى المخابرات الاميركية او القاهم في سجونه. لكن على اية حال, نتفهم الاخوة الذين ارسلوا الرسالة, فالغريق لا يخاف من البلل كما يقول المثل.
وقد جاء في مقال نشرته التايمز البريطانية بتاريخ 10/10/2006 بعنوان: "حرب طهران السرية على شعبها" يتحدث عن طرق السلطات الايرانية في لي ذراع الاحوازيين عبر اعدامهم دون التمييز في الاعمار بين قاصر وغير قاصر بالاضافة الى احتجاز الاطفال وامهاتهم الى حين تسليم رب البيت نفسه للسلطات المختصة, ما يؤكد على ما ذهب اليه رسالة المنظمة الوطنية الاحوازية (عربستان), حيث جاء في المقال ما نصه:
"وما يدعو الى السخرية, ان حزب الله اللبناني الذي من المفترض انه يمثل المقاومة العربية في الشرق الاوسط, متورط في قمع و تشريد الاحوازيين العرب في ايران. فقد اقامت ايران في الاحواز (نظرا لسهولة التاقلم و التفاهم بالعربية) مراكز تدريب لحزب الله وفيلق بدر الميليشيا العراقية الذي تقوم فرق الموت التابعة لها بقتل السنة في العراق".
فاذا كذبنا تورط حزب الله مع جيش المهدي نظرا للشك في مصدر الخبر, فماذا نقول عن رسالة المنظمة الاحوازية العربية الشيعية?!!, على اية حال فقد سهل علينا الايرانيون مشاق اثبات ذلك من خلال السيد علي اكبر محتشمي.
حزب الله يحارب مع حرس الثورة ضد الجيش العراقي السابق
كشف حجة الاسلام الايراني السيد "علي اكبر محتشمي بور" الذي يعتبر مؤسس نواة حزب الله اللبناني والاب الشرعي له, وعمل سفيرا في سورية بين 1982-1985 ثم وزيرا للداخلية في ايران في لقاء مع صحيفة "شرق الايرانية" في3/8/2006 ما يؤكد اكثر من مجرد تبعية حزب الله اللبناني للنظام الايراني.
فقد اشار بور في هذه المقابلة الخطيرة ولاول مرة يتم الكشف عن هكذا معلومات علنا, الى ان حزب الله اللبناني "شارك جنبا الى جنب مع الحرس الثوري الايراني في الحرب الايرانية -العراقية"!! ورغم انه لم يذهب ابعد من ذلك, لكنه بين ان علاقة حزب الله مع النظام الايراني ابعد بكثير من علاقة نظام ثوري بحزب او تنظيم ثوري خارج حدود بلاده, بحيث يبدو الحزب وكانه جزء من مؤسسة الحكم في ايران وعنصر اساسي في مؤسسته العسكرية والامنية.
اذ يقول محتشمي ما نصه: " جزء من خبرة حزب الله يعود الى التجارب المكتسبة في القتال وجزء اخر من التدريب.. ان حزب الله اكتسب خبرة قتالية عالية خلال الحرب الايرانية ¯ العراقية بحيث كان رجال الحزب يقاتلون ضمن صفوف قواتنا او بشكل مباشر"!! وقال في المقابلة ايضا: "بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام1982 , تراجع الامام الخميني عن فكرة ايفاد قوات ضخمة الى لبنان وسورية, بعبارة اخرى بعد ان حطت الطائرة الايرانية الخامسة في دمشق التي نقلت وحدات من الحرس والبسيج ولواء ذو الفقار الخاص (الخالدون في عهد الشاه) عارض الامام الخميني ارسال مزيد من القوات, وكنت وقتذاك سفيرا في سورية, واعيش قلقا حقيقيا حيال مصير لبنان وسورية ولهذا ذهبت الى طهران وقابلت الامام الخميني فيما كنت متاثرا ومتحمسا لفكرة ارسال القوات الى سورية ولبنان, بدات بالحديث عن مسؤولياتنا وما يدور في لبنان, الا ان الامام هداني وقال ان القوات التي قد ترسلها الى سورية ولبنان لا بد ان يكون لها دعم لوجيستي كبير, والمشكلة ان طرق الاسناد والدعم تم عبر العراق وتركيا, والاول في حرب شرسة معنا والثاني عضو في الناتو ومتحالف مع اميركا.... ان الطريق الوحيد هو تدريب الشبان الشيعة هناك, وهكذا ولد حزب الله".
ووفقا لمحتشمي فان اكثر من 100 الف شاب شيعي تلقوا تدريبات قتالية منذ تاسيس حزب الله في لبنان, بحيث كانت كل دورة تدريب تشمل 300 مقاتل, والى الان اقيمت دورات عدة في لبنان وايران.
فاذا كان حزب الله حزبا لبنانيا و ليس له اهتمام بالشؤون الخارجية, فما الذي يدفعه يا ترى الى قتال الجيش العراقي السابق الى جانب الحرس الثوري الايراني?! علما ان الجيش العراقي جله من العرب الشيعة!! فان قلنا بكذب دور الحزب مع جيش المهدي لان الخبر اميركي كما يقولون, و في قضية الاحواز لان الخبر عربي, فهل نكذب ايضا ما يقوله مؤسس الحزب والاب الشرعي له ام ماذا?!.
alibakeer@hotmail.com
* باحث في الشؤون الستراتيجية ¯ بيروت




No comments: