انسوا دم الحريري..وإلا
الى ان يتوقف سعد الحريري وأخوته وعائلته عن المطالبة بكشف حقيقة من قتل الرئيس الشهيد الوالد والرجل والشقيق رفيق الحريري، فإن النظام السوري سيظل شاهراً سلاح التخويف والتهديد والتفجير والاغتيالات في لبنان ضد كل من يشير من قريب أو بعيد لدور أجهزة هذا النظام الأمنية خاصة في الجريمة الارهابية التي أودت بحياة رئيس وزراء لبنان ورفاقه والمواطنين الـ22 معه.
وهكذا
وضع النظام السوري عائلة الحريري أمام المعادلة التالية:
اذا أردتم كشف من أمر ومن خطط ومن نفذ ومن ضلل في هذه الجريمة الإرهابية، فعليكم أن تتحملوا كل ما حصل ويحصل في لبنان، وهو الترجمة الحرفية لكلام رئيس النظام السوري بشار الأسد في خطابه التهديدي يوم 10/11/2005 أي الفوضى أو المواجهة.
انسوا رفيق الحريري.. اقرأوا عليه الفاتحة. ترحّموا عليه، زوروا ضريحه، لكن إيّاكم ان تطالبوا بكشف حقيقة من أمر ومن دبّر ومن نفذ جريمة قتله، فهذا يعني انكم مهددون بمصير كمصير الحريري نفسه، وهل هو من باب الترف ألا يستطيع زعيم الأغلبية النيابية في لبنان ان يحضر ولو جلسة واحدة لمجلس النواب منذ انتخابه في نهاية ربيع 2005، بعد أن تلقى تحذيرات محلية وعربية ودولية صديقة صادقة بأنه مهدد بالقتل بسبب اصراره على كشف حقيقة من قتل والده؟.
لقد طالب رئيس دولة عربية سعد الحريري بأن يفعل تجاه جريمة قتل والده مثلما فعل وليد جنبلاط حين زار دمشق بعد 40 يوماً فقط من جريمة قتل والده القائد الشهيد كمال جنبلاط يوم 16/3/1977 وبعد ان أشارت الدنيا كلها الى ان قرار قتله وتنفيذه من صنع الاستخبارات السورية نفسها.
قالوا لسعد الحريري ((الحي أبقى من الميت))، والحريري الابن يسمع في الكواليس تساؤلات مريبة.. لماذا تسمح باستغلال قضية مقتل والدك في هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به النظام في سوريا فينعكس توتراً وتهديداً في لبنان؟.
يطلبون من سعد الحريري نسيان دم والده..وإلا فهو سيتحمل مسؤولية ما يجري وسيجري في لبنان من تنفيذ تهديدات الفوضى أو المواجهة، أي المزيد من القتل والتفجيرات..واللااستقرار..
بل ان هناك من بات يتجرأ على اخراج تساؤلاته من الكواليس للجهر: وهل رفيق الحريري وحده هو الذي قتل خلال هذه السنوات الثلاثين؟.. قتل رئيس وزراء آخر (رشيد كرامي) واستهدف بالقتل رئيس وزراء أيضاً هو سليم الحص.. ولم تقم الدنيا كما هي هذه الأيام!.
انه مسار تفتيت وحدة المشاعر اللبنانية إنسانياً ووطنياً وأخلاقياً في قضية أجمع اللبنانيون (والعالم كله) على استنكارها ووصفها بجريمة ضد الوطن والمواطنين حتى لو قال عنها إميل لحود انها ((رذالة)).
وليس مصادفة أن يجيء التفتيت أولاً ودائماً من أجهزة النظام الأمني السوري الإعلامية مرة كتابة في إحدى صحفه بالقول ان سعد الحريري وأخوته هم المستفيدون من مقتل الحريري، ومرة عبر مخبر حلاق بأن سعد الحريري هو الذي قتل والده!!
وما الحملة السورية على لجنة التحقيق الدولية في جريمة قتل رفيق الحريري إلا جزء من هذا المسار حتى ((أفرزت)) انقساماً مؤلماً داخل المجتمع اللبناني نفسه وصل إلى الشذوذ النفسي اللاأخلاقي في بعض الأحيان.
ماذا يعني هذا؟
*يطلب النظام السوري من زوج الشهيد وشقيقته وشقيقه وابنائه حصر الحزن على رفيق الحريري داخل جدران منازلهم ونسيان المطالبة بكشف القتلة وإلا فكلهم مهددون بالقتل أو التهجير أو تحميل مسؤولية تخريب الوطن.
*يطلب النظام السوري من الشعب اللبناني بعد ((إنجاز)) الانقسام الوطني حول كشف حقيقة من أمر ومن دبر ومن نفذ الجريمة، ان ينقسم حول كل تداعيات الجريمة في مشروع فتنة داخلية ينفث فيها سموم أجهزته وأتباعها.
*يطلب النظام السوري من الشعب اللبناني أن ينسى المطالبة بكشف الحقيقة حول كل الجرائم السياسية التي نفذت في لبنان طيلة مدة خضوعه لنظام الوصاية السورية على الوطن منذ العام 1975 حتى اليوم.. وها هي بعض ((تباشيره)) بالمقابر الجماعية تهل بلا تردد وبلا جفن يرفّ أو لسان يستنكر.
يطلب النظام السوري ان يصمت الشعب اللبناني عن كل الجرائم التي يمكن أن ترتكب في لبنان تنفيذاً لخطاب بشار الأسد التهديدي ضد لبنان تحت عنوان الفوضى أو المواجهة.
يطلب النظام السوري أن يصمت المجتمع الدولي والأشقاء العرب عن كل ما يمس بلبنان سواء بقتل الحريري والشهداء الآخرين سابقاً وما يمكن أن يحصل في لبنان الآن ولاحقاً.
إلى متى؟
الوقت بالنسبة للنظام السوري مسألة مصيرية، فهو يراهن عليه كي ينجح في الإفلات من دفع نتائج سلوكياته خاصة في لبنان خلال 30 سنة، اعتماداً على فشل أميركي في العراق وفشل جورج بوش داخل أميركا وانهيار صمود لبنان الحر المستقل، وهو أي النظام السوري في الوقت نفسه، في سباق مع الوقت.. والملحوق بالوقت يتصرف بأعصاب مشدودة، ولعل هذا التوتر العصبي هو الذي يفسر هذا الرخص في مُعاركة لجنة التحقيق الدولية في تبني اسفافات مهرج سخيف اصطنعته الاستخبارات السورية بسذاجة لافتة وتريد من الدنيا كلها أن تصدقه.
الإصرار على نسيان دم الحريري ليس فقط إخفاء للجرائم التي ارتكبت ضد كبار قادة الوطن سياسيين ورجال دين وإعلاميين.. بل تحريض على قتل كل من يريد لبنان وطناً حراً عربياً مستقلاً من سياسيين ورجال دين وإعلاميين.
حسن صبرا
No comments:
Post a Comment